ظاهرة بارود تخيف الطبقة الفاسدة
عشية تشكيل الحكومة الجديدة، يبدو وزير الداخلية زياد بارود المطمئن الوحيد إلى حفاظه على حقيبته.الأمر يغيظ كثيرون ويزعج من يوتره سماع الناس يتحدثون بحماسة عن هذا الوزير الشاب، لكن "ظاهرة بارود" تستحق التوقف عندها لثلاثة أسباب رئيسية تجعل منه أكثر من مجرد وزير عابر
خلافاً للمنطق اللبناني، لا يأتي بارود إلى السلطة لا بفضل انتمائه إلى حزب كرس شرعية وزارية بفضل السلاح، ولا بفضل ثرواته التي اشترت له نفوذاً يوفر بريستيج الوزارة، ولا بفضل انتمائه العائلي إلى إحدى العائلات - الثوابت في الحياة السياسية أو صداقته لأحد الزعماء. ورغم ذلك يبدو الرأي العام سعيداً بهذا الوزير، وكأن الرأي العام يقول من خلاله إنه يؤيد هكذا تجربة، ويؤيد الخروج من دائرة الطبقة السياسية المغلقة
مقارنة مع معظم الوزراء الآخرين، نجح بارود، دون أخذه الحسابات الانتخابية بعين الاعتبار، بتحقيق إنجازات في وزارته كإتمامه العملية الانتخابية في يوم واحد وإشراكه المجتمع المدني في إدارة هذه العملية وتوفيره هبات عينية تتخطى قيمتها السبعين مليار دولار لإنجاح الانتخابات (حبر، عازل، صناديق الاقتراع...). وتحقيقه بعض الخروقات الأمنية، وتوقيف المشتبه بهم دون مراعاة الحسابات السياسية. وموافقته على إلغاء القيد الطائفي إضافة إلى معالجته نحو 4000 من ملفات "إعطاء الجنسية لغير مستحقيها" السبعة آلاف. وقد فعل بارود مراعاة وزارة الداخلية والبلديات لحقوق الانسان محاولاً الموازنة بين هيبة قوى الأمن وإشعار الناس أن الوزارة تعنيهم. مع العلم أن الناس يلاحظون بعض التفاصيل الصغيرة كتراجع عدد التراخيص للزجاج القاتم، واهتمام بارود بالسجون، وإنشائه موقعاً إلكترونياً إنتخابياً يعرض القوائم الانتخابية ونتائج الانتخابات
ابتسامة بارود وكثرة حركته؛ فالناس ملوا من الوزارء الذين يطلون متجهمين، عابسين، يمنّنون الناس لمجرد قيامهم بواجبهم فيما تطمئن ابتسامة بارود المواطنين وتخفف المسافات بين الوزير والناس.ختاماً، يفترض بالزعماء التقليديين أن يتمعنوا قليلاً في "ظاهرة بارود"، ويستخلصوا العبر. فقد لا يكون لهذه الظاهرة نتائج انتخابية أو شعبية تؤثر عليهم نظراً لحدة الانقسام السياسي، لكن الأكيد أنها حين تعرف كيف تنسج علاقات مع ظواهر مشابهة ستؤثر كثيراً في صناعة رأي عام وصناعة مسؤولين.وربما هذا ما يجعل بعض السياسيين وبعض الإعلاميين يحقدون على بارود